إن الابتسامة التي أراها على وجه السيدة الحامل في كل مرّة تسمع فيها نبض جنينها وكأنها تسمعها للمرة الأولى تجعلني استوقف تلك اللحظة تأملاً، لأن تلك الابتسامة في حقيقتها عفوية صادقة، تضيء كلّ أجواء المكان فرحاً، البعض منها يتطور إلى ضحكات صاخبة وكأنها تملك الدنيا وما عليها.

إن بداية تطور قلب الجنين تبدأ من اليوم الثالث والعشرين من الإلقاح، حيث يبدأ هذا البرعم بضخ الدّم إلى خلايا الجنين لتزويدها بالحاجيات المطلوبة لنموه  مثل الأكسجين والغلوكوز. لكن في الحقيقة، في المرة الأولى التي يمكننا  فيها سماع دقّات القلب وبشكل واضح هي بين الأسبوع الخامس والسادس من الحمل. 

يختلف معدل دقات نبض الجنين حسب عمره، فمثلاً يكون معدل ضربات القلب بين الأسبوع الخامس والسادس ١١٠ ضربة لكل دقيقة، ويصل إلى ١٧٠ ضربة لكل دقيقة بين الأسبوع التاسع والعاشر، ويصل في الأسبوع الرابع عشر ١٥٠ ضربة لكل دقيقة، وفي الأسبوع العشرين من الحمل يصل إلى ١٤٠ ضربة لكل دقيقة. أما في تمام الحمل وقرب الولادة فإن معدل ضربات قلب الجنين يتراوح بين ١١٠ إلى ١٦٠ ضربة لكل دقيقة. 

هناك العديد من العوامل التي تعمل على تسريع دقات قلب الجنين، كالرياضة،والتوتر، والألم عند الأم، وكذلك فقر الدم وزيادة نشاط الغدة الدرقية وارتفاع درجة حرارة الأم، أما عن أسباب تباطىء ضربات القلب عند الجنين، فمنها طبيعي متل الراحة والنوم عند الأم والجنين،ومنها عوامل مرضيّة مثل نقص نشاط الغدّة الدرقية، ونقص كمية الأكسجين خاصة أثناء الولادة والذي يستدعي  تدخل الطبيب.

إن تنظيم عمل دقات القلب عند الجنين يتم بواسطة عمل الجهاز العصبي المركزي، حيث أن عملية الانقباض والانبساط ما هي إلّا نتيجة تنظيم عمل الجهاز العصبي بآلية متناغمة تنتج عنها ضربات القلب التي نسمعها.

يعدُّ الجهاز القلبي الوعائي والمشيمة عند الجنين المسؤلان عن توصيل وتبادل الدم  ومكوّناته إلى بقية أنسجة الجسم للنّمو والتطور حتى أنهما المسؤولين  توفير الأكسجين بدلاّ من الرئتين اللتين تتوليان هذه المهمة بعد الولادة، فإن اكتمال وظيفة الرئتين يتم أثناء الحياة الجنينة، لكنهما لا تبدآن بالعمل بشكل كامل إلا بعد الولادة.

إن سماع دقات قلب الجنين يعتبر مشعراً مهما لمراقبة ونمو الحمل، و لهذا فإن سلامتها لا ترسم الابتسامة على وجه الأم فحسب، بل الطبيب أيضاّ لأن طفلك السليم سر نجاحنا.